(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح لمعة الاعتقاد
195554 مشاهدة
إثبات صفة النزول لله تعالى

من الأحاديث أيضا أحاديث كثيرة دالة على الصفات فعلية وذاتية, أشرنا إلى أحاديث وردت في صفة اليدين, وفي صفة اليمين لله تعالى, وفي صفة الوجه, وكذلك ذكر المؤلف هاهنا حديث النزول ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا فيقول: من يسألني فأعطيه من يدعني فأستجيب له حتى يطلع الفجر وفي لفظ: هل من تائب فأتوب عليه هل من مستغفر فأغفر له هل من سائل فأعطيه .
هذا الحديث كبر وثقل على المعتزلة والأشاعرة؛ فإن فيه ما يخالف معتقدهم, فلأجل ذلك؛ أنكروه فرده كثير, وقالوا: إنه ضعيف؛ مع أنه في الصحيحين, وعن عدد من الصحابة؛ لم ينفرد به أبو هريرة ؛ بل رواه كثير من الصحابة رضي الله عنهم والذين نقلوه هم الذين نقلوا بقية الأحكام, فإذا رددناه؛ رددنا كثيرا من الأحكام, فلأجل ذلك؛ يقبله أهل السنة, في عقيدة أبي الخطاب المشهورة يقول:
قـالوا الـنزول فقلـت ناقلـه لنـا
قـوم هـم نقلـوا شريعـة أحمـد
قـالوا فكـيف نزولـه فـأجبتهـم
لـم ينقـل التكـييف لي في مسـند
نقول: صحيح أن الذين نقلوه هم الذين نقلوا الشريعة فكيف نقبل الشريعة الأخرى ونرد هذا إذا رددناه فإن طعنا في روايتهم في رواية الثقات الذين نقلوه فلذلك أثبته أهل السنة كما جاء.
وقد شرحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب مستقل اسمه شرح حديث النزول أطال في مقدمته وبين قول أهل السنة في إثبات النزول كما شاء الله وكما يشاء؛ كما أن الله تعالى أثبت لنفسه المجيئة وَجَاءَ رَبُّكَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ وأثبت ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر أن الله تعالى: يجيء يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده فكيف مع ذلك نرد هذه الأحاديث؟! وكذلك أيضا الذين أنكروا هذه الصفات من الأشاعرة ولو كانوا أئمة وعلماء تأولوها فقالوا: ينزل ربنا أي ينزل أمره أو تنزل رحمته, كما أول ذلك النووي في شرح مسلم, ثقل عليهم؛ وذلك لأنهم تلقوا العقيدة عن مشايخ وثقوا بهم فرسخت تلك العقيدة في نفوسهم فصعب عليهم أن يأتيهم شيء يخالف ما يعتقدونه فسلطوا التأويلات على هذه الأحاديث؛ تأويلات بعيدة.
فنحن نثبته كما أثبته الله ونقول الله أعلم بكيفية النزول, وإذا قالوا: هل يخلو منه العرش؟ قلنا: الله أعلم أثبت الله تعالى لنفسه المجيء وأثبت نبيه النزول في آخر كل ليلة وأثبته أيضا في عشية عرفة أن الله ينزل وأنه يباهي بالحجاج ملائكته, وغير ذلك من الأحاديث هذا من الصفات الفعلية صفة النزول.